كإحدى قصص الخيال العلمي أو أفلام الرعب؛ تبدأ بلغز وتنتهي بعلامات استفهام أو فاجعة كبرى، جاءت قصة عروس الإسكندرية لتكشف عن تفاصيل يكاد أن تُوقف قلبك رعبًا ويسمع المحيطين حشرجة أنفاسك.
شارع عريق من أقدم شوارع الإسكندرية يكاد المارة يتخبطون به، وإذ بالأرض تُعلن عن عصيانها لتبتلع تلك الفتاة، ولتعلن عن السر الدفين للناس أجمع.
شارع النبي دانيال هو الطريق الرئيسي بالإسكندرية القديمة وكان يطلق عليه اسم «الكاردو دي كومانوس» وكان يضم العديد من المعابد الرومانية ومن بعدها المعابد اليهودية واستمرت أهميته حتى العصور الإسلامية ثم تغير إسمه بعد بناء مسجد النبي دانيال الذي كان في الأصل معبدا يهوديا سمي على إسم النبي دانيال أحد المبشرين باليهودية. وقد أدى وجود العديد من الآثار الرومانية تحت المسجد الى الاعتقاد بأن مقبرة الإسكندر الأكبر موجودة أسفله ودعم هذه الفكرة وجود الجبانة الملكية في تقاطع شارع النبي دانيال مع شارع فؤاد إلا أنه بعد البحث والتنقيب لم يكتشف أي شيء يخص الاسكندر ولكن تم اكتشاف أنفاق كبيرة من العصر الروماني متصلة ببعضها وكانت مصممة لهروب الملك عند قيام الثورات التي كان يقوم بها أهل الاسكندرية القديمة بحيث يهرب الى خارج البلاد وكان منها ما يؤدي الى البحر المتوسط مباشرة. وقد وصف المؤرخ الإسلامي المقريزي هذه الأنفاق بأنها من الاتساع والارتفاع أن يسير فيها الفارس ممتطيا جواده رافعا سيفه وهو ما يقدر بثلاثة أمتار.
“شارع النبي دانيال” وتحديدًا في نقطة تقاطعه مع شارع “فؤاد”، بدا الأمر عاديًا للغاية، فتاة تسير بشكل طبيعي إلى أن حدثت الكارثة والتي تحولت فيما بعد إلى حادثة نتج عنها، اكتشاف لسر من أسرار المحروسة.
ففي عام 1977 كانت عروس الاسكندرية تسير بشارع النبي دانيال، وعند تقاطعه مع شارع فؤاد انهارت الأرض فجأة وابتلعتها.
وخلال 15 يومًا كرس أهالي الإسكندرية ومسئوليها وقتهم للبحث عن عروس الاسكندرية التي ابتلعتها الأرض، ضفادع بشرية، ومتطوعين قاموا بإعطائهم كشافات كهربائية للبحث بطرق أفضل، ويذكر الكاتب السكندري إبراهيم عبد المجيد أنه حضر جهود الإنقاذ تلك بنفسه، لكنها لم تُجدي نفعًا ولم يتم العثور عليها.
قد تبدو حكاية “ميرفت” خيالية كما ذكرت العديد عدم صحتها، إلا أن تلك القصة حقيقية تمامًا، لما هو متعارف عليه من تاريخ الصهاريج السرية تحت مدينة الإسكندرية.
فنظرًا لأن المدينة بنيت بعيدًا عن نهر النيل، فنظام إمدادها بالمياه كان يستلزم ظريقة معقدة للغاية، حيث بدأت القصة منذ عهد الرومان الذين بعمل ترعة ” شيديا”، وكانت تلك الترعة تجلب لنا المياه من النيل عبر مسارات متعرجة وشائكة، إلى أن تنتهي بتخزينها في صهاريج تحت الأرض.
ويستمر عمل الترعة لمدة شهر واحد فقط فى أثناء الفيضان، فعندما تصل المياه إلى الإسكندرية تدخل فى 4 مجارى صغيرة، ثم تصل لأحواض عليها 72 ساقية تدار بالثيران اللتي ترد من البحيرة بشكل جبرى، وتوزع على 700 صهريج تحت المدينة.
تمتلئ الصهاريج لمدة شهر، وبمجرد أن يتم امتلاؤها يتم السماح بفتح الترعة على أراضي الفلاحين لسقايتها، وبواسطة تلك المياه التي تُملأ خلال الشهر ترتوي مدينة الإسكندرية طوال العام.
هذه الصهاريج ليست مجرد أماكن صغيرة، لتخزين المياه بل إنها شبكة معقدة من المسارات الغريبة، بعضها مغلق وبعضها مفتوح على بعضه، يقول عنها المؤرخ تقي الدين المقريزى، إن الفارس يرمح بحصانه فيها رافعًا سيفه، قليل منها معروف مثل صهريج دار إسماعيل الذي يوجد بداخل المستشفى فى شارع شريف ويتكون من 3 طوابق، ومشيد على 45 عمود جرانيت، وصهريج ابن النبيه فى الشلالات، و صهريج سيدى عبد الرازق الوفائى أسفل مسجد عبد الرزاق الوفائى، وفى شارع فؤاد أيضًا صهريج “صفوان” والمتواجد أسفل عمارة توريل، والذي استخدم كملجأ أثناء الغارات.
دفع هذا الغموض والعالم السحري الجرسون اليوناني الشهير بمقهى “أمبريال”، “استيلليو كومتسوس”، إلى أن يدعي علمه بالمكان الذي دُفن فيه الإسكندر الأكبر، مما جعل الحكومة المصرية تسمح له بحفر شارع النبي دانيال بأكمله، لسنوات طويلة ولكن انتهى الأمر بطرده من الإسكندرية بعد ضبطه يحفر خلسة أسفل الكنيسة المرقسية، وأظهرت السينما المصرية قصة “استيللو” من خلال فيلم “اسكندرية ليه” للراحل “يوسف شاهين“.