لم يفتأ الاقتصاد العالمي يلتقط أنفاسه من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ليلوح في الأفق شبح فيروس كورونا المستجد حاصدا أرواح مئات الصينين خلال أيام، مهددا الاقتصاد العالمي مجدداً بأزمة قد تسفر عن خسائر بنحو 160 مليار دولار.
حالة من الترقب الحذر تنتظر كل سفينة صينية ترسو على الموانئ المصرية، مُحمّلة بالبضائع المختلفة، خاصة بعد صدور قرار، اليوم الأحد، بوقف توريد الثوم الصيني إلى مصر خلال الفترة الحالية بسبب فيروس كورونا.
وأعلن ما يزيد عن 15 دولة اكتشاف حالات مصابة بالفيروس المميت من بينهم ألمانيا وفرنسا واليابان، كما ظهرت حالات في الشرق الأوسط وفي الإمارات تحديدا للمرة الأولى منذ نشأة الفيروس في وقت سابق من الأسبوع الجاري، ممثلا سادس حالة طوارئ عالمية تعلنها الوكالة الدولية منذ بدء تطبيق القواعد في منتصف العقد الأول من القرن العشرين.
يؤكد عضو شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، على احتمالية توقف خطوط إنتاج العديد من المصانع في مصر، حال واصل فيروس كورونا انتشاره، وأثر على حركة شحن البضائع الصينية إلى مصر.
يشير أحمد شيحة إلى أن حجم واردات مصر من المنتجات الصينية يصل إلى نحو 16 مليار دولار خلال 2019، معظمها مواد خام ومنتجات وسيطة، لها تأثير مباشر وقوي على الصناعة والتجارة والزراعة في مصر.
يقول “شيحة” إن قائمة أبرز السلع التي ستتأثر سلبًا بحركة الواردات من المنتجات الصينية، تضم: “الأحذية، والملابس، وكل أنواع الإلكترونيات، والموبيليا، والسيارات، والأجهزة المنزلية والكهربائية”، موضحًا أن مصر تعتمد بنسبة 100 في المئة على المواد الخام الصينية والوسيطة في تصنيع كافة احتياجاتها.
لا يحظى قطاع الأغذية في مصر بنسبة عالية من الواردات الصينية، لكن 90 في المئة من احتياجات السوق المحلي من الملابس ومنتجاته الوسيطة يتم استيرادها من الصين، بحسب تصريحات عضو شعبة المستوردين.
يرى أحمد شيحة، أن مصر لن تتأثر وحدها حال صعوبة وصول المنتجات الصينية إلى أراضيها، إذ تُصدر الصين منتجاتها والمواد الخام لعدد كبير من الشركات العالمية مثل: “فيليبس، وسيمنس”، متابعا: “مصر تستورد بـ 3.2 مليار دولار منتجات من تركيا، مع العلم أن تركيا تعتمد على الواردات الصينية لإعادة تصنيعها وتصدير المنتجات لمصر ولغيرها من الدول”.
يتوقع عضو شعبة المستوردين، أن تنجح الصين في السيطرة على كورونا، حفاظًا على اقتصادها من الانهيار، مختتما: “الصين مصنع لكل العالم، وتوقفه يُهدد اقتصاد العالم أجمع، ونحن في مصر ليس لدينا بديل عن الصين، وإن وُجد لن يتوفر بنفس المواصفات المطلوبة”.
من جانبه يرى خبير اقتصادي، ضرورة تحرك الدولة المصرية في سبيل إيجاد بدائل عن الواردات الصينية سواء بدعم المنتج المحلي، أو إقامة علاقات مع دول أخرى، إذا استمر الفيروس في الانتشار وهدد وصول المنتجات.
ويجد خالد الشافعي، أن الفرصة سانحة أمام المنتج المحلي لفرض سيطرته على السوق بمنأى عن المنتجات الصينية، مُشددا على ضرورة تلبية احتياجات السوق المحلي من المواد الخام من أي دولة أخرى، وتلك هي مهمة وزارة التجارة والصناعة في الفترة المقبلة، إذا استمر “كورونا” في تحجيم صادرات الصين.
وعن وقف استيراد مصر للثوم، يقول الشافعي: “مصر بلد زراعي بطبيعة الحال، والسوق لن يتأثر بذلك القرار، لقرب موسم حصاد الثوم خلال شهر أو اثنين، وقد يعزز ذلك دور الفلاح لتكون له حصيلة من السوق المصري، بدلا من الاستيراد العشوائي”.
وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والصين خلال الربع الأول من العام المالي الجاري (من أول يوليو 2019 وحتى نهاية سبتمبر 2019)، ما قيمته 1.56 مليار دولار مثلت الصادرات الصينية إلى مصر 1.46 مليار دولار منها، لتأتي الصين كثالث أكبر شريك تجاري لمصر خلال تلك الفترة.