حالة من الترقُّب المستمر الممزوج بالقلق تسيطر الآن على جميع دول العالم، من جرَّاء اندلاع مفاجئ لمرض نادرًا ما يظهر خارج إفريقيا، وقد بدأت حالة القلق هذه في الانتشار بعد أن رصدت السلطات الصحية في دول أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا عددًا من حالات الإصابة بمرض “جدري القرود” الفيروسي خلال الأيام الأخيرة؛ فهذه هي المرة الأولى التي ينتشر فيها المرض بين أشخاص لم يسبق لهم أن سافروا إلى إفريقيا.
ويراقب مسؤولو الصحة في جميع أنحاء العالم احتمالات ظهور المزيد حالات جدري القرود التي جاءت غالبيتها بين فئة الشباب، إلا أنه جرى في الوقت ذاته المخاطر لا تزال منخفضةً فيما يتعلق بعامة السكان.
ما الأعراض وكيف يتم علاجها؟
ينتمي جدري القرود إلى عائلة الفيروسات نفسها المسببة للإصابة بمرض الجدري المعروف، ولكنه يسبب أعراضًا أكثر اعتدالًا؛ إذ يعاني معظم المرضى من الحمى وآلام الجسم والقشعريرة والتعب، وقد يطور الأشخاص المصابون، بمستوى أكثر خطورةً للمرض، طفحًا جلديًّا وبثورًا على الوجه واليدين يمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وتبلغ فترة حضانة الفيروس (وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها) المسبب لهذه الإصابات من حوالي خمسة أيام إلى ثلاثة أسابيع، ويتعافى معظم الناس في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع دون الحاجة إلى دخول المستشفى، لكن يمكن أن يكون جدري القرود قاتلًا بنسبة تصل إلى واحد من كل 10 أشخاص، كما يُعتقد أنه يكون أكثر حدةً عند الأطفال والحوامل ومَن يعانون ضعف المناعة.
وتقسم مرحلة العدوى إلى فترتين على النحو التالي:
فترة الغزو: وتتراوح من لحظة الإصابة إلى 5 أيام، وأبرز سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
فترة ظهور الطفح الجلدي: ويكون في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى، ومن أبرز سماتها ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه، في أغلب الأحيان، ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويكون الطفح أشدّ ما يكون على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين (75%)، ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من بقع ذات قواعد مسطّحة إلى حويصلات صغيرة مملوءة بسائل، وبثرات والمرحلة التي تليها من تطور، وقد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تمامًا.
وقبل ظهور الطفح، قد يُصاب بعض المرضى بتضخّم كبير في العقد اللمفاوية، وهو سمة لجدري القردة تميزه عن سائر الأمراض المماثلة.
وغالبًا ما يتم إعطاء الأشخاص المعرضين للفيروس واحدًا من عدة لقاحات ضد الجدري، التي ثبت أنها فعالة ضد جدري القرود أيضًا، كما يجري تطوير أدوية مضادة للفيروس، وقد أوصى المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، يوم الخميس الماضي، بعزل جميع الحالات المشتبَه فيها وتقديم لقاح الجدري للمخالطين ذوي الخطورة العالية.