البنوك المصرية في صدارة مؤتمر قادة القطاع المالي لدعم الشمول المالي وتحقيق التنمية المستدامة ضمن رؤية مصر 2030
كتبت – يسرا السيوفي
في خطوة تؤكد التزام القطاع الخاص بدعم الأهداف التنموية للدولة المصرية، ينظم مجلس الأعمال الكندي المصري (CEBC) ومجلس الأعمال المصري للتعاون الدولي (ECIC) مؤتمراً هاماً تحت عنوان: “دور البنوك في تعزيز الشمول المالي وتحفيز التنمية الاقتصادية في مصر”.
يأتي هذا الحدث كمنصة استراتيجية لتبادل الرؤى حول حاضر ومستقبل القطاع المصرفي ودوره الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.
ويجمع أبرز قادة القطاع المالي لمناقشة سبل مواصلة النمو وتعزيز المراكز المالية للبنوك المصرية بما يضمن دمج كافة شرائح المجتمع في المنظومة الاقتصادية الرسمية.
ويشهد المؤتمر مشاركة نخبة من القادة البارزين الذين يمثلون قاطرة القطاع المصرفي وغير المصرفي في مصر:
الأستاذ محمد الإتربي: رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، ورئيس اتحاد بنوك مصر واتحاد المصارف العربية. يُعدّ الإتربي أحد أعمدة العمل المصرفي بخبرة تزيد عن أربعة عقود، قاد خلالها مؤسسات بنكية بنجاح واقتدار في فترات شديدة الحساسية.
الأستاذ هشام عز العرب: رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي (CIB). ارتبط اسمه بنقلة نوعية في القطاع المصرفي المصري، وقاد البنك ليصبح أحد أقوى البنوك الخاصة في الشرق الأوسط.
الأستاذ وليد حسونة: الرئيس التنفيذي لشركة ڤاليو (VALU)، بخبرة تمتد على مدى 25 عاماً في المناصب القيادية بالمؤسسات المالية الكبرى.
وأكد المهندس معتز رسلان، رئيس مجلس الأعمال المصري الكندي، في كلمته الافتتاحية على أن البنوك هي العمود الفقري للنشاط المالي وحجر الزاوية للاستقرار الاقتصادي.
وقال رسلان إن نسبة الشمول المالي للأفراد قفزت إلى 76.3% في يونيو الماضي، بزيادة 214% عن عام 2016، مدفوعة بتزايد استخدام محافظ المحمول والبطاقات مسبقة الدفع والخدمات المبتكرة.
كما أضاف أن “التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة ملحة، ومواكبة التكنولوجيا المالية لم تعد ترفاً، بل وسيلة بقاء واستمرار”.
وصرح بأن البنوك لم تكتفِ بالدور التقليدي في تمويل المشروعات الكبرى ودعم عجلة الإنتاج، بل اختارت أن تكون رائدة في التغيير ومواكبة متطلبات العصر.
وأضاف رسلان أنه رغم المسيرة الطويلة من الإنجازات، يواجه الجهاز المصرفي تحديات كبرى مثل التسارع التكنولوجي، وتطورات الذكاء الاصطناعي، وتهديدات الأمن السيبراني، مما يتطلب مواصلة الدور الفاعل بروح أكثر ابتكاراً واستعداداً للمستقبل.
وركز المؤتمر على ثلاثة محاور رئيسية، جميعها تدعم استراتيجية مصر للتنمية المستدامة “رؤية 2030”:
التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية (Fintech): استعراض المبادرات الرقمية الناجحة، مثل شبكة المدفوعات اللحظية (InstaPay)، وكيف تُسهم في دمقرطة الوصول إلى الخدمات المالية وتوسيع قاعدة العملاء غير المتعاملين مع البنوك.
تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة (MSMEs): تسليط الضوء على أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي العمود الفقري للاقتصاد المصري، ومناقشة نماذج التمويل المبتكرة ودور مبادرة “رواد النيل” التابعة للبنك المركزي المصري في مساعدة هذه المشروعات على النمو والانتقال للقطاع الرسمي.
الثقافة المالية وحماية المستهلك: تناول أهمية بناء الثقة والوعي المالي من خلال برامج تستهدف فئات متنوعة مثل المرأة والشباب والمزارعين، والتأكيد على ضرورة وجود إطار قوي لحماية المستهلك لضمان الامتثال للوائح البنك المركزي.
وأكد الأستاذ محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري أن الجهاز المصرفي قد بدأ بالفعل تجربته في مجال التحول الرقمي والخدمات الرقمية.
وأشار إلى وجود مدرستين رئيسيتين في هذا الصدد؛ الأولى هي إنشاء شركة منفصلة عن الكيان المصرفي لتقديم الخدمات الرقمية، والثانية هي إنشاء شركة مملوكه للبنك، مؤكداً أن كلتا المدرستين قد أثبتتا نجاحهما في السوق.
وكشف محمد الإتربي، الرئيس التنفيذي لـ البنك الأهلي المصري ورئيس مجلس إدارة بنك مصر، أن إجمالي مساهمات البنوك في صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي بلغ نحو 11 مليار جنيه.
مؤكدًا أن الصندوق يستهدف تعزيز التحول الرقمي ورفع كفاءة الكوادر البشرية وتطوير البنية التحتية للقطاع المصرفي المصري بما يتواكب مع المتغيرات العالمية.
وأوضح الإتربي، خلال كلمته في ندوه مجلس الأعمال المصري الكندي، أن الصندوق يأتي في إطار رؤية شاملة يقودها البنك المركزي المصري لتحديث المنظومة المصرفية، وتحقيق التكامل بين البنوك في مجالات التكنولوجيا المالية والاستدامة والابتكار.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الكلي، توقع الإتربي أن يتراجع معدل التضخم في مصر إلى رقم أحادي بحلول عام 2027، مدفوعًا باستمرار الإصلاحات النقدية والمالية التي ينفذها البنك المركزي، وتحسن بيئة الاستثمار وزيادة تدفقات النقد الأجنبي.
وأضاف أن عامي 2024 و2025 شهدا تحسنًا ملحوظًا في مختلف المؤشرات الاقتصادية، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي $4.4\%$، وهو الأعلى خلال الثلاث سنوات الماضية، بينما ارتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى $49.5$ مليار دولار، وبلغ صافي الأصول الأجنبية $17.9$ مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذه النتائج تعكس كفاءة السياسات النقدية والمالية المتبعة.
كما أشار الإتربي إلى أن الإيرادات الضريبية حققت نموًا بنسبة $36\%$ لتصل إلى $2.2$ تريليون جنيه، بفضل توسع الدولة في منظومة التحول الرقمي والتحصيل الإلكتروني، إلى جانب نجاحها في تسوية المنازعات الضريبية وديًا.
وأكد أن تراجع معدل التضخم إلى $11.7\%$ خلال الفترة الأخيرة يعكس فاعلية سياسات البنك المركزي، كما ساهم توحيد سعر الصرف في استعادة الثقة بالاقتصاد الوطني، وارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو $36.5$ مليار دولار.
وفي سياق متصل، أوضح محمد الأتريبي رئيس البنك الأهلي المصري أن البنك يواصل تنفيذ استراتيجية التحول الشامل داخل الجهاز المصرفي، والتي تقوم على خمسة محاور رئيسية تشمل:
التحول الرقمي والتكنولوجيا المصرفية،
تفعيل الذكاء الاصطناعي في الخدمات،
تعزيز الشمول المالي،
الاستدامة والمسؤولية البيئية،
تطوير رأس المال البشري.
وأشار إلى أن البنك ضخ تمويلات مستدامة بقيمة $428$ مليار جنيه خلال الربع الثاني من عام 2025، دعمًا لمشروعات الاقتصاد الأخضر والبنية التحتية المستدامة، مؤكدًا أن البنك الأهلي المصري يُعد من أوائل المؤسسات التي جعلت التمويل المستدام جزءًا أصيلًا من استراتيجيتها.
وأضاف أن البنك بدأ تطبيق سياسة إدارة المخاطر البيئية والمجتمعية (ESRM)، ويعمل على تبنّي نظام ESG Score لقياس الأداء في الجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة، بما يتماشى مع معايير GRI وIFRS S2 الدولية.
واختتم الإتربي كلمته بالتأكيد على أن البنك يمتلك محفظة تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة $178$ مليار جنيه.
مشيرًا إلى أن نسبة الشمول المالي في مصر ارتفعت من نحو $12\%$ سابقًا إلى أكثر من $76.6\%$ حاليًا، وهو ما يعكس نجاح الجهود الوطنية في دمج فئات جديدة داخل المنظومة المصرفية ودعم التنمية الشاملة.
أوضح الأستاذ وليد حسونة:الرئيس التنفيذي لشركة ڤاليو (VALU أن البنوك ليست منافسة على الإطلاق لشركته، بل على العكس، فإن النظام المصرفي المصري يدعم بقوة جميع الأنظمة العاملة في القطاع المالي.
وأكد أن البنوك تشجع نظام التقسيط وتمول عملياته، مما يدل على تقدم مصر في هذا المجال.
ووصف دور “ڤاليو” بأنه أشبه بـ “تاجر الجملة”، حيث تقوم الشركة بتمويل الأفراد أولاً، ثم يتم إصدار سندات في أسواق الدين، وتعود البنوك لتشتري هذه السندات. هذا النموذج يؤكد أن البنوك شريك وليس منافس، ولو كانت المنافسة هي السائدة، لما كان هناك توسع منطقي في التمويل الاستهلاكي.
وأشار حسونة إلى أن الفترة القادمة ستكون مهمة جداً للخدمات المصرفية الرقمية (Digital Banking)، حيث تعتمد شركته على التكنولوجيا لاستخلاص معلومات قليلة من العميل والتنبؤ بدخله، والوصول إليه عبر السوشيال ميديا والإنترنت. واختتم بالتعبير عن أن السوق المصري “سوق مفتوح للابتكار”، ووجود “تصالح كبير بفكرة التجربة”، مشيراً إلى حظوظهم في أن البنوك تراهم شريكاً، وإلى الاكتتابات التي طرحتها البورصة المصرية هذا العام.
وأضاف الأستاذ هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي CIB أن الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي في مصر.
وأوضح عز العرب أن 75% من المخاطر التي تتحملها البنوك تأتي من سياسات البنك المركزي، بينما 25% تعود لسياسات الدولة، مما يشير إلى أن المسؤولية الكبرى تقع على سياسات البنك المركزي.
وأشار إلى أن مصر عانت في فترة ما من معدلات تضخم مرتفعة (high inflation)، لكن صُنّاع السياسات استفادوا من التجارب السابقة في إدارة السياسة النقدية، ونجحوا في وضع الأمور على الطريق الصحيح، مما سهل عمل المؤسسات البنكية والتجارية.
ولفت إلى أن معدل نمو الإقراض الحالي غير مسبوق منذ سنوات، وظاهرة مطالبة الشركات بالتمويل لتوسيع أعمالها (تمويل رأس المال الاستثماري) تُعد ظاهرة إيجابية.
وفيما يخص التحول الرقمي، أوضح عز العرب أن البنوك تعمل على تطوير الخدمات الرقمية في النواحي التي لا يمكن القيام بها داخل الفرع التقليدي، مثل خدمة صاحب الدخل المحدود الذي لا يمكن جمعه مع صاحب الدخل الكبير في الفرع.
وأشاد بدور البنك المركزي في تفعيل رخصة البنوك الرقمية، مشيراً إلى أن بنك مصر بدأ بهذه التجربة، وأن البنوك تدعم وتساعد بعضها البعض رغم التنافس.
وأكد أن معظم البنوك استثمرت في تحليل البيانات (data analytics)، حيث أصبحت مراجعة الأوراق تتم عبر الأجهزة كجزء من الذكاء الاصطناعي (AI). وأشار إلى الوصول لمرحلة يمكن فيها للعميل إجراء معاملاته بالاعتماد على الخوارزميات والآلات دون الحاجة لأشخاص، بل وتمكن المختصون من تحديد مشكلة العميل قبل حدوثها بثلاثة أشهر.
واختتم بالتأكيد على أن الاعتماد على الآلة، لخلوها من المشاعر، يمكن أن ينقذ العميل من الأزمة، معرباً عن فخره بالانتماء للجهاز المصرفي المصري.
مشيراً إلى أن المنظومة القائمة على التكنولوجيا ستتطور باستمرار. كما نبه إلى وجود “فجوة” في القواعد الرقمية بين هيئة سوق المال والبنك المركزي، مشدداً على ضرورة استغلالها لتحقيق الاستقرار.