كشفت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) في أحدث تقاريرها الفصلية عن أداء أسواق البترول خلال الربع الثالث من عام 2025، أن أسعار خام برنت تحركت في نطاق ضيق وسط توازن دقيق بين زيادة الإنتاج العالمي والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، فيما سجلت هوامش أرباح المصافي أعلى مستوياتها منذ بداية العام.

أسعار النفط الخام: توازن هش بين زيادة الإنتاج والتوترات الجيوسياسية
بدأ النفط خام برنت الربع الثالث من عام 2025 عند متوسط 70 دولارًا للبرميل في يوليو، متأثرًا بتداعيات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية التي استمرت 12 يومًا في نهاية الربع الثاني.
ومع إعلان تحالف أوبك+ عن زيادات متتالية في الإنتاج خلال يوليو وأغسطس وسبتمبر، انخفض السعر تدريجيًا إلى 67 دولارًا في أغسطس و68 دولارًا في سبتمبر.
وأوضحت الإدارة أن قرارات أوبك+ بزيادة الإمدادات ساهمت في ضغط الأسعار نحو الهبوط، خاصة مع تصاعد المخاوف من فائض في المعروض العالمي وتأثير التباطؤ الاقتصادي المحتمل على الطلب.
ورغم هذه العوامل، لم تشهد الأسواق زيادة ملموسة في مخزونات النفط ، إذ ظلت مخزونات الخام الأمريكية قرب أدنى مستوياتها في خمس سنوات (2020–2024) وفقًا لتقرير حالة البترول الأسبوعي.
من جهة أخرى، عوضت التوترات الجيوسياسية كثيرًا من الضغط النزولي على الأسعار، إذ تصاعدت الهجمات الروسية على أوكرانيا، وردت كييف بضربات استهدفت البنية التحتية للطاقة الروسية.
كما فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 25% على الهند لشرائها النفط الروسي، مما رفع إجمالي الرسوم المفروضة إلى 50%.
وفي أوروبا، يستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات عقابية جديدة ضد شركات روسية للطاقة بعد تحركات عسكرية روسية قرب إستونيا وبولندا ورومانيا.
أما في الشرق الأوسط، فقد ساهمت هجمات الطائرات المسيرة على الحقول النفطية العراقية في زيادة حدة التوترات، تزامنًا مع استمرار الضربات العسكرية بين إسرائيل وحماس.
هوامش التكرير: أرباح المصافي تسجل أعلى مستوى في 2025
سجلت فروق أسعار الديزل، وهي مؤشر على هوامش أرباح مصافي التكرير، ارتفاعًا حادًا خلال يوليو لتصل إلى 0.85 دولار للغالون في ميناء نيويورك — وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2024، وضعف مستواها تقريبًا عن العام الماضي.
وجاء هذا الارتفاع نتيجة مخاوف الإمدادات من مصافي الشرق الأوسط بفعل التوترات الجيوسياسية، قبل أن تنخفض في أغسطس إلى 0.60 دولار للغالون، أي أقل من متوسط الأعوام الخمسة الماضية (2020–2024).
وفي سبتمبر، عادت فروق أسعار الديزل للارتفاع تدريجيًا بسبب الاضطرابات في إنتاج المقطرات في روسيا والحظر الروسي على صادرات الديزل بعد تعرض عدد من مصافيها لهجمات.
أما بالنسبة للبنزين، فقد بدأت هوامش أرباح المصافي الأمريكية الربع الثالث بمستويات أقل من المتوسط بسبب ارتفاع المخزونات على الساحلين الشرقي والغربي في يوليو وأوائل أغسطس.
لكن مع انخفاض المخزونات بشكل كبير لاحقًا، تجاوزت فروق أسعار البنزين ضعف مستوياتها في الفترة نفسها من العام الماضي، وتخطى هامش ربح المصافي متوسطه لخمس سنوات في منتصف أغسطس لأول مرة منذ أبريل 2025.
توقعات السوق: استقرار نسبي وتقلبات محتملة
تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن تظل أسعار النفط مستقرة نسبيًا خلال الربع الأخير من 2025، مع استمرار الضغوط المتناقضة بين زيادة إنتاج أوبك+ والتوترات الجيوسياسية المتزايدة في أوروبا والشرق الأوسط.
كما تشير التقديرات إلى أن الطلب العالمي على النفط سيحافظ على نموه المعتدل، مدعومًا بتعافي بعض الاقتصادات الآسيوية، بينما تواصل المصافي العالمية تحقيق هوامش ربح قوية نتيجة اضطرابات الإمدادات وتبدل أنماط الطلب الموسمي.







