كتب : يسرا السيوفي
تستعد شركة السيارات الكهربائية الرائدة تسلا (Tesla)، بقيادة رئيسها التنفيذي المثير للجدل إيلون ماسك (Elon Musk)، لافتتاح أول معرض رسمي لها في المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في العاصمة الرياض.
وتمثل هذه الخطوة علامة بارزة على تجاوز خلاف سابق بين ماسك ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، ياسر الرميان.
ومن المقرر أن تكشف تسلا عن مجموعتها الكاملة من الطرازات الكهربائية الحالية، بالإضافة إلى عرض نماذج أولية لسيارتها الأجرة ذاتية القيادة المستقبلية “سايبركاب (Cybercab)” والروبوت الشبيه بالبشر “أوبتيموس (Optimus)”، وذلك خلال فعالية رسمية ستقام في الرياض مساء اليوم الخميس.
ولم تفصح الشركة عن تفاصيل خططها التشغيلية في المملكة حتى الآن، لكن تأكد تجهيزها صالة عرض واحدة على الأقل في الرياض.
ويمثل دخول تسلا الرسمي إلى السوق السعودي دلالة واضحة على نجاح إيلون ماسك في ترميم علاقته مع ياسر الرميان، المسؤول عن إدارة أصول ضخمة تقدر بنحو 925 مليار دولار في صندوق الاستثمارات العامة.
يعود الخلاف بينهما إلى أغسطس 2018، عندما أثارت تغريدة لماسك حول تأمين تمويل لتحويل تسلا إلى شركة خاصة، بناءً على محادثات أولية مع الرميان، جدلاً واسعًا.
انهارت تلك المحادثات لاحقًا بعد تبادل رسائل نصية متوترة تم الكشف عنها خلال دعوى قضائية اتُهم فيها ماسك بتضليل المستثمرين.
ورغم تبرئة ماسك في نهاية المطاف، قام صندوق الاستثمارات العامة ببيع حصته في تسلا وضخ مليارات الدولارات في شركة “لوسيد غروب (Lucid Group)” المنافسة في قطاع السيارات الكهربائية.
برزت أولى إشارات المصالحة بين الطرفين في أكتوبر الماضي، عندما شارك ماسك بشكل مفاجئ عبر مداخلة افتراضية في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار (FII)” الذي تستضيفه المملكة، وحضره الرميان في الصف الأمامي.
تبع ذلك ظهور ماسك في نوفمبر إلى جانب الرميان والرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترمب خلال نزال تابع لاتحاد “يو إف سي (UFC)” في نيويورك، قبل أن يشارك في قمة سعودية عُقدت في ميامي في فبراير الماضي.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، يعتبر استقطاب شركة أمريكية رائدة في صناعة السيارات الكهربائية مثل تسلا بمثابة دعم إضافي لأجندة “أميركا أولاً” التي تبناها الرئيس ترامب سابقًا.
أما بالنسبة لتسلا، فإن دخول السوق السعودي يعكس إيمانها بـ إمكانات النمو الواعدة في هذه السوق، خاصة في ظل التحديات التي تواجه علامتها التجارية وتراجع المبيعات في أسواق أخرى.
في هذا السياق، صرح سيث غولدستين، استراتيجي الأسهم لدى شركة “مورنينغستار (Morningstar)”، بأن دخول تسلا أي سوق جديدة سيكون عاملاً إيجابياً لها، خاصة مع تراجع مبيعاتها بنسبة 13% على أساس سنوي خلال الربع الأول.
وقدّر جين مونستر، الشريك الإداري في شركة “ديب ووتر أسيت مانجمنت (Deepwater Asset Management)”، أن تسلا قد تنجح في تسليم نحو 30 ألف سيارة سنويًا للسوق السعودي بعد مرور عام أو عامين على بدء عملياتها.
لكنه أكد أن آفاق نمو الشركة على المدى الطويل ستظل تعتمد بشكل أساسي على أسواق مثل الولايات المتحدة والصين وأوروبا.
ستواجه تسلا منافسة قوية في السوق السعودية من شركات صناعة السيارات الصينية التي تحظى بشعبية كبيرة.
بالإضافة إلى شركة لوسيد التي دشنت مصنعًا للتجميع النهائي للسيارات في المملكة عام 2023، ويعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي المساهم الأكبر فيها.
وعلى الرغم من الاهتمام المتزايد، لا تزال مبيعات السيارات الكهربائية تشكل نسبة ضئيلة (تزيد قليلاً عن 1%) من إجمالي مبيعات السيارات في السوق السعودية، وفقًا لتقديرات شركة “برايس ووترهاوس كوبرز (PwC)”.
وبينما أبدى أكثر من 40% من المستهلكين في المملكة استعدادهم للتفكير في شراء سيارة كهربائية مستقبلًا، إلا أن انتشارها يواجه تحديات مثل ارتفاع التكاليف، ومحدودية البنية التحتية للشحن، والمخاطر المتعلقة بارتفاع درجات الحرارة.
ويتوقع ديميان دوهاميل من “يوروغروب كونسلتينج (Eurogroup Consulting)” أن تقوم تسلا في نهاية المطاف بتوفير شبكة شحن فائقة السرعة في السعودية، مما قد يساهم في حل بعض مشكلات البنية التحتية ويكون متاحًا لجميع السيارات الكهربائية في السوق.
يُذكر أن صندوق الاستثمارات العامة كان من الداعمين لشركة “إكس إيه آي (xAI)”، التي أسسها إيلون ماسك، ضمن جولة تمويل لم يُكشف عنها علنًا. كما يملك الصندوق حصة في شركة “المملكة القابضة” التي يديرها الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، والتي كانت أيضًا من الداعمين لماسك خلال استحواذه على “تويتر” وتحويلها إلى “إكس (X)” حاليًا.