ذعر يجتاح العالم و”S&P 500″ يفقد تريليونات الدولارات
ذعر الحرب التجارية يخيم على العالم: خسائر فادحة في الأسهم الأمريكية وتصاعد مخاوف الركود
كتب : يسرا السيوفي
اجتاح الذعر الناجم عن تصاعد الحرب التجارية أسواق المال العالمية، مما أدى إلى موجة بيعية قوية في أسواق الأسهم، وارتفاع الطلب على السندات كملاذ آمن، وهبوط حاد في أسعار النفط لتسجل أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات.
هذا الاضطراب الكبير جاء في أعقاب تصريحات لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي حذر من أن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة ستكون أوسع نطاقًا وأكثر حدة مما كان متوقعًا في السابق.
وأشار باول إلى تأثيرات محتملة تشمل ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.
على الرغم من المخاطر الاقتصادية المتزايدة والناجمة عن الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب، والتي شهدت مؤخرًا ردًا انتقاميًا مباشرًا من الصين على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة.
جدد رئيس الاحتياطي الفيدرالي التأكيد على موقف البنك المركزي المتمثل في اتباع سياسة “الترقب والانتظار” فيما يتعلق بقرارات أسعار الفائدة المستقبلية.
هذا الموقف لم يهدئ الأسواق بل زاد من حالة عدم اليقين.
وقد تكبد مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) خسائر فادحة، مسجلاً أعنف انخفاض له في يومين منذ مارس 2020، وهي الفترة التي شهدت بداية جائحة كوفيد-19.
وخلال هذا التراجع الحاد، تبخر نحو 5 تريليونات دولار من القيمة السوقية للشركات المدرجة في المؤشر، حيث انخفض المؤشر بنحو 6% في يوم الجمعة وحده.
وبسبب هذه الخسائر المتتالية، دخل مؤشر “ناسداك 100” رسميًا منطقة السوق الهابطة، وهي إشارة تقليدية إلى تراجع كبير ومستمر في أسعار الأسهم.
وفي ظل تزايد المخاوف بشأن آفاق النمو الاقتصادي، انخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار نقطتين أساس لتصل إلى مستوى 4.01%.
وتعكس هذه الانخفاضات المتسارعة توقعات متزايدة في أسواق المال بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتنفيذ أربعة تخفيضات كاملة لأسعار الفائدة خلال العام الحالي، بل وهناك احتمالية لحدوث تخفيض خامس إذا استمرت الضغوط الاقتصادية في التزايد.
وفي المقابل، ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 1%، مدفوعًا بالطلب المتزايد على الأصول الآمنة في أوقات عدم اليقين.
وقد عبر دوج رامزي، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة “ليوثولد”، عن قلقه بشأن الوضع الراهن، مشيرًا إلى أن “أداء السوق يبرز مخاوف الركود.
وأحيانًا تكون تحركات السوق في حد ذاتها هي المحفز النهائي الذي يدفع الركود للتحقق”.
هذا التصريح يعكس مخاوف متزايدة في وول ستريت من أن تؤدي الحرب التجارية إلى تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.
ورغم أن أحدث تقرير صادر عن سوق العمل في الولايات المتحدة أشار إلى قوة القطاع، إلا أن المحللين يشيرون إلى أن هذه البيانات كانت قبل أن تبدأ التأثيرات الكاملة للرسوم الجمركية الصارمة التي فرضها الرئيس ترامب في الانتشار عبر الاقتصاد.
وقد تصاعدت التوترات التجارية بشكل ملحوظ مع رد الصين القوي على الرسوم الأمريكية الجديدة، حيث أعلنت بكين عن سلسلة من الإجراءات الانتقامية التي شملت فرض رسوم جمركية على جميع الواردات الأمريكية وضوابط تصدير على المعادن النادرة، وهي مواد حيوية للعديد من الصناعات التكنولوجية.
في المقابل، أكد الرئيس ترمب أن سياساته الاقتصادية “لن تتغير أبدًا”، مما يشير إلى استمرار المواجهة التجارية. وفي تطور لاحق، أشار الرئيس إلى أنه أجرى “مكالمة مثمرة للغاية” مع فيتنام، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسهم الشركات التي لديها عمليات تصنيع كبيرة في البلاد، بما في ذلك شركتا “نايكي” و”لولوليمون أثليتيكا”، مما يعكس محاولة الشركات للبحث عن بدائل لسلاسل الإمداد المتضررة من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وفي أخبار أخرى، أكدت شركة “بايت دانس” أنها تجري مناقشات مع الحكومة الأمريكية بشأن خطط لاستمرار عمل تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة، وسط ضغوط تنظيمية متزايدة.
وشهدت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى تراجعات ملحوظة، بما في ذلك أسهم “إنفيديا” و”تسلا”، اللتين تعتبران من الشركات الحساسة للتطورات التجارية العالمية.
كما تراجعت أسهم الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، مثل مجموعة “علي بابا” و”بايدو”، متأثرة بشكل مباشر بتصاعد التوترات التجارية.
وسجل مؤشر أسهم البنوك الكبرى أدنى مستوى له منذ 7 أغسطس من العام الماضي، حيث انخفضت أسهم بنكي “مورغان ستانلي” و”غولدمان ساكس” بأكثر من 7%، مما يعكس المخاوف من تأثير التباطؤ الاقتصادي على القطاع المالي.