طبعاجل

جنود المناعة في المعركة ضد السرطان : كيف تهاجم خلايا الدم البيضاء الأورام الخبيثة؟

خط الدفاع المناعي: كيف تحارب خلايا الدم البيضاء الخلايا السرطانية؟

كتب : يسرا السيوفي 

تعتبر خلايا الدم البيضاء (Leukocytes) جنود الجهاز المناعي في الجسم، وهي تلعب دورًا حاسمًا في الدفاع عن الجسم ضد الغزاة الخارجيين مثل البكتيريا والفيروسات، وكذلك ضد التهديدات الداخلية مثل الخلايا السرطان ـية.

عندما تنشأ خلايا سرطانية في الجسم، فإن خلايا الدم البيضاء تكون من أوائل المستجيبين لمحاولة التعرف عليها والقضاء عليها.

ومع ذلك، فإن التفاعل المعقد بين الجهاز المناعي والخلايا السرطانية غالبًا ما يحدد مسار المرض ونجاح العلاج.

آليات عمل خلايا الدم البيضاء ضد السرطان:

تستخدم أنواع مختلفة من خلايا الدم البيضاء آليات متنوعة لمكافحة الخلايا السرطانية:

 * الخلايا اللمفاوية التائية القاتلة (Cytotoxic T Lymphocytes – CTLs): تعتبر هذه الخلايا من أهم اللاعبين في مكافحة السرطان.

تتعرف الخلايا التائية القاتلة على الخلايا السرطانية من خلال مستقبلات خاصة تتعرف على “مستضدات السرطان” الموجودة على سطح الخلايا السرطانية.

هذه المستضدات هي بروتينات أو جزيئات أخرى فريدة للخلايا السرطان ـية أو موجودة بكميات أكبر فيها. بمجرد التعرف على الخلية السرطانية، تطلق الخلية التائية القاتلة مواد سامة مثل “البرفورين” و”الجرانزيمات” التي تثقب غشاء الخلية السرطانية وتحفز موتها المبرمج (Apoptosis).

  الخلايا اللمفاوية البائية (B Lymphocytes): تلعب الخلايا البائية دورًا غير مباشر في مكافحة السرطان من خلال إنتاج الأجسام المضادة (Antibodies). يمكن للأجسام المضادة أن ترتبط بمستضدات السرطان على سطح الخلايا السرطانية، مما يؤدي إلى عدة تأثيرات:

  تعليم الخلايا السرطانية: تجعل الأجسام المضادة الخلايا السرطانية أكثر وضوحًا للخلايا المناعية الأخرى، مثل الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا البلعمية، لتدميرها.

   تفعيل نظام المتممة (Complement System): يمكن للأجسام المضادة أن تنشط سلسلة من البروتينات في الدم تسمى نظام المتممة، مما يؤدي إلى تدمير الخلايا السرطانية مباشرة.

   تثبيط نمو الخلايا السرطانية: في بعض الحالات، يمكن للأجسام المضادة أن ترتبط بمستقبلات النمو على الخلايا السرطانية، مما يعيق إشارات النمو والبقاء على قيد الحياة.

  الخلايا القاتلة الطبيعية (Natural Killer Cells – NK Cells): على عكس الخلايا التائية القاتلة التي تحتاج إلى التعرف على مستضدات محددة، تستطيع الخلايا القاتلة الطبيعية التعرف على الخلايا السرطانية والخلايا المصابة بالفيروسات وقتلها دون الحاجة إلى تنشيط مسبق.

تعتمد الخلايا القاتلة الطبيعية على توازن الإشارات من مستقبلات التثبيط والتنشيط على سطحها.

تفقد العديد من الخلايا السرطانية جزيئات “HLA class I” التي ترتبط بمستقبلات التثبيط على الخلايا القاتلة الطبيعية، مما يجعلها هدفًا للخلايا القاتلة الطبيعية لتدميرها.

  الخلايا البلعمية (Phagocytes): تشمل الخلايا البلعمية الكبيرة (Macrophages) والخلايا المتعادلة (Neutrophils).

يمكن لهذه الخلايا ابتلاع الخلايا السرطانية وتدميرها من خلال عملية تسمى البلعمة. تلعب الخلايا البلعمية الكبيرة أيضًا دورًا في تقديم مستضدات السرطان للخلايا التائية، مما يساعد في تنشيط الاستجابة المناعية التكيفية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للخلايا البلعمية إطلاق مواد كيميائية مثل السيتوكينات التي يمكن أن تقتل الخلايا السرطانية أو تعدل الاستجابة المناعية.

تحديات يواجهها الجهاز المناعي في مكافحة السرطان:

على الرغم من قدرة خلايا الدم البيضاء على مكافحة السرطان ، إلا أن الخلايا السرطانية غالبًا ما تطور آليات للتهرب من الجهاز المناعي:

 * فقدان أو إخفاء المستضدات: يمكن للخلايا السرطانية أن تتوقف عن إنتاج المستضدات التي تتعرف عليها الخلايا التائية القاتلة، أو أن تخفيها عن سطحها.

 * إنتاج جزيئات مثبطة للمناعة: يمكن للخلايا السرطانية أن تفرز مواد كيميائية أو تعبر عن بروتينات على سطحها تثبط نشاط الخلايا المناعية القريبة.

 * تجنيد خلايا مناعية مثبطة: يمكن للبيئة الدقيقة للورم أن تجذب أنواعًا معينة من الخلايا المناعية التي تثبط الاستجابة المناعية المضادة للورم، مثل الخلايا التائية التنظيمية (T regulatory cells) والخلايا القمعية المشتقة من النخاع (Myeloid-derived suppressor cells).

 * تكوين بيئة واقية: يمكن للخلايا السرطانية أن تحيط نفسها ببيئة واقية من الخلايا والأوعية الدموية والمكونات خارج الخلية التي تعيق وصول الخلايا المناعية وتمنعها من تدمير الورم.

الأهمية في العلاج:

فهم كيفية تفاعل خلايا الدم البيضاء مع الخلايا السرطانية أمر بالغ الأهمية في تطوير علاجات السرطان الحديثة، مثل العلاج المناعي.

يهدف العلاج المناعي إلى تعزيز قدرة الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها عن طريق:

 * تثبيط نقاط التفتيش المناعية: هذه هي البروتينات الموجودة على سطح الخلايا المناعية التي يمكن أن تثبط نشاطها. تستهدف بعض أدوية العلاج المناعي هذه النقاط التفتيشية لإطلاق العنان للخلايا التائية القاتلة لمهاجمة السرطان.

 * العلاج بالخلايا التائية ذات المستقبلات الخيمرية (CAR T-cell therapy): يتضمن هذا العلاج تعديل الخلايا التائية للمريض وراثيًا لإضافة مستقبلات جديدة (CARs) تتعرف على مستضدات محددة على الخلايا السرطانية، مما يعزز قدرتها على قتل الخلايا السرطانية.

 * تحفيز الاستجابة المناعية: تستخدم بعض العلاجات المناعية مواد تحفز الجهاز المناعي بشكل عام أو توجهه بشكل خاص لمهاجمة الخلايا السرطانية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Slot 5000

Slot deposit 5000

Gemilangtoto